منذ بضعة أيام، دخلت منى إلى إحدى الكافيهات. طلبت كوبها المعتاد من الكابوتشينو واختارت زاوية هادئة لتجلس وتنجز مهمة هذا اليوم. شغّلت اللابتوب وبدأت بحثها عن وظيفة عندما حدث ما لم تتوقعه.
CUT. نقطع المشهد ونسألك بعض الأسئلة. هل تخيّلت منى في ستاربكس؟ هل كان حاسوبها من نوع آبل؟ هل زارت لينكد إن لتبحث عن عمل؟
بعض العلامات التجارية تنال المراتب الأولى حتى في ذاكرتنا، ولا بد أنّ لهذا المستوى من الشهرة معايير مهمة سنتحدث عنها فيما يلي.
1) إطلالتك
بالطبع سمعت عن تحوّل تويتر إلى إكس الذي قسم خبراء التسويق بين مؤيدين ومعارضين. ولا بد أنك لاحظت أيضاً الشعارات الجديدة لكل من برغر كنج وكيا وبيبسي التي اختارت هذا التغيير بعد 14 عاماً. وإذا نظرت إلى إعلانات ماكدونالدز، سترى الأقواس الذهبية عنصراً محرّكاً لمعظم الأفكار. فما أهمية الهوية البصرية؟
لا شك أنّ الهوية البصرية تجذب العملاء بالألوان والأشكال الجميلة، لكن بالخط الذي تستخدمه، وبعناصر تصميمها، وبلوحة ألوانها، وبكل التفاصيل، تقدّم رسالة أخرى بين السطور. فيها تعبّر عن مبادئ، وقيم، مشاعر، وأسلوب حياة ثم تدعو الجمهور إلى مشاركتها هذه كلها.
بالنسبة لماكدونالدز مثلاً، عنصر الثبات مهم جداً، إذ يحتاج العميل للثقة بأنه كلما تناول وجبة، سيحصل على الطعم نفسه وإلا لن يختار ماكدونالدز دون آلاف غيره. أليس كذلك؟ هذه إحدى أسباب الالتزام بالإطلالة والتركيز على الهوية البصرية، تأكيداً للعميل بشكل غير مباشر هذا المستوى الثابت من اللذة في كل مرة.
2) شخصيتك
إذا كانت علامتك التجارية إنساناً حقيقياً، من ستكون؟ شخصية كلاسيكية ترتدي القبعة المهنية طوال الوقت؟ أم شخصية ديناميكية لها آراؤها وتوجهاتها؟ انظر إلى نشاط العلامات التجارية خلال كأس العالم وفي المناسبات المهمة، مثل إطلاق فيلم باربي. الجمهور دائماً مستعد التفاعل، خاصة في عصر التسويق على مواقع التواصل الاجتماعي.
الهدف الأساسي من تكوين شخصية لعلامتك هو بناء العلاقات مع الجمهور، أي مشاركة الأفكار وتبادل المشاعر التي إذا تطوّرت تصل إلى مرحلة الولاء. فإذا حققت هذا المستوى من القرب إلى عملائك، يتحوّلون إلى سفراء، ويحملون اسمك أينما ذهبوا، ويدافعون عنك حتى في النقاشات التي تغيب عنها. هل تتخيل الآن صديقك الذي اشترى الحذاء نفسه من Nike إنما بـ 6 ألوان مختلفة؟ نعم، لا تتعب نفسك في مجادلته لاختيار علامة أخرى.
في الماركات الرياضية بالتحديد، نجد جانب "الشخصية" واضحاً جداً لأنّ الرياضة مرادف للحركة والانطلاق والفوز، أي أنه لا يمكن لعلامة تجارية رياضية أن تتصرّف بهدوء مقارنةً بتلك المالية أو المصرفية. ففي الحديث عن Nike، الاسم الذي يمثّل إلهة النصر اليونانية، تعتمد هذه العلامة على قصص النصر المشحونة بالعواطف والإرادة والشغف، كما على الشراكات مع عمالقة عالم الرياضة، مثل مايكل جوردان. بدافع هذه الاستراتيجية التسويقية، تتحوّل في ذهنك عبارة Just Do It مع علامة الصح إلى شخصية منطلقة ومثابرة، لا تعرف الاستسلام.
3) رسالتك
لماذا علامتك التجارية هنا وكيف تجعل العالم مكاناً أفضل؟ تشغل هذه الأسئلة أهم العلامات التجارية، مثل دوڤ التي تحرص على تعزيز ثقة المرأة بجمالها الطبيعي وتقبّل مظهرها كما هو، وكوكا كولا التي لا تحاول بيع منتجاتها بقدر ما تسوّق للفرح وروح المشاركة والاحتفال بالعلاقات التي تعنينا عندما نشرب هذا المشروب الغازي.
تأتي رسالتك امتداداً لشخصية علامتك التجارية. ما هدفها من الوجود؟ تحقيق الأرباح؟ المستهلك لا ينفق ماله لكي يغني علامة تجارية، بل يفتخر عندما ينفقه على خلفية دعم علامة تجارية تدعم محيطه. فحسب دراسة نشرتها مؤخراً شركة Fit Small Business الأمريكية، المستهلك مستعد لإنفاق ما بين 31٪ و50٪ أكثر لصالح العلامات التي تؤثر إيجاباً على العالم.
لنأخذ على سبيل المثال شركة أبل التي أطلقت أولى منتجاتها المحايدة كربونياً في حين ينشغل العالم بالأزمة المناخية. أوقفت استخدام الجلود في كل خطوط الإنتاج وأعلنت عن تغليف يعتمد على الألياف بالكامل. في المقلب الآخر، نرى علامات تجارية في مجال الأزياء والموضة تثير الجدل لأنها بهدف زيادة أرباحها، تؤذي البيئة، وتوظّف عمّالاً قاصرين في العمر، ولا تدفع لهم أجوراً منصفة. هذا الفرق بين علامة تهتم برسالتها وعلامة أخرى تهملها.
في الخلاصة
-
العلامة التجارية أكثر من شعار أو إعلان. اصنع قصة وشخصية وطوّرها باستمرار.
-
ليس هناك طريق ممهّد لتصنع علامتك التجارية، ولذا عليك وضع خطة لكل مرحلة.
-
العلامات الناجحة تحتاج للتأثير. فلا تهتم فقط بما تقدّمه من خدمة أو منتج بل اجعل العالم مكاناً أفضل.
مدونات أخرى
تعرّف إلى هذه المفردات قبل أن تبدأ مشروعك الجديد
إذا كنت تبغى تنقل لفرنسا، انت تحتاج أنك تتعلم بعض الكلمات والجمل عشان تتأقلم بشكل أسرع وتسهّل حياتك اليومية. نفس الشيء في عالم ريادة الأعمال.
هل أنت مستعد لبدء مشروع خاص؟
بدء مشروع خاص أُمنِيَّة أي شخص طموح يود خوض مغامرة الاستقلال المالي والعملي لرفع مستوى المعيشة أوتحقيق المزيد من النجاحات العملية. إذا كنت من ضمن هؤلاء الأشخاص، فهناك عدة صفات ومهارات عليك اكتسابها أو التحَّلي بها لتتمكن من مواجهة الصعوبات وضمان نجاح المشروع.
كيف تبدأ مشروعاً تجارياً ناجحاً؟
تراودُ الكثيرَ من الشباب فكرة تأسيس مشروعهم الخاص، وذلك في ظل تطوّر القوانين والأنظمة ودعم الحكومة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوافر الكثير من التسهيلات لتأسيس مثل هذه المشاريع. ونظراً لأهمية هذا الموضوع بالنسبة لشريحة كبيرةٍ من الشباب أردنا أن نجمع لك بعض النصائح التي يوصي بها الخبراء في هذا المجال للبدء بمشروعك الخاص.
كن العلامة التي لا ينسونها بسهولة
أحدث المدونات